بلغ الباحث السوري الدكتور فواز الأزكي من فرط حبه للجيولوجيا حتى أنه حول بيته الريفي الوحيد إلى متحف جيولوجي هو الأول من نوعه في سوريا.
وبلغ الأزكي الحد الذي جعله واحدا من أعلام الجيولوجيا والصخور عربيا، وواحدا من المشار إليهم بالبنان على المستوى العالمي.
د. فواز الأزكي هو المعلن الأول عن اكتشاف الديناصورات في سوريا 2001م، كما أنه صاحب أول موسوعة جيولوجية عربية وواحدة من أندر الموسوعات وأشملها عالميا.. ونورد تفاصيل اكتشاف الأزكي وموسوعته في هذه السطور..
ففي صباح يوم الثلاثاء 6 مارس 2001م ..أول أيام عطلة عيد الأضحى ..خرج د. فواز من مدينة اللاذقية إلى منطقة صلنفة الواقعة في سلسلة جبال الساحلية السورية (40كم شرق اللاذقية) ...
ولقد اعتاد الباحث في رحلاته البحثية أن يأخذ معه حقيبته الحقلية الجيولوجية التي تحتوي على مطرقة جيولوجية وبوصلة جيولوجية وعدسة مكبرة وحمض كلور الماء وأكياس قماشية ودفتر حقلي صغير كي يبحث عن مستحاثات ومنيرالات حتى إحضارها إلى مخبره الجيولوجي في قسم الجيولوجيا-كلية العلوم-جامعة تشرين. وأثناء تجواله الحقلي كانت المفاجأة الصدفة:
"صخرة تعود إلى العصر الكريتاسي وقد انطبع عليها هيكل جنين ديناصور"
كان حجم الاندهاش كبيرا لأن جميع المراجع الجيولوجية المحلية والدولية تخلو من ذكر أية مستحاثة فقارية في سلسلة الجبال الساحلية السورية . والسبب الثاني هو أن الباليوجيوغرافيا تنص على أن سلسلة الجبال الساحلية كانت مغمورة بمياه البحر في زمن الكريتاسي. إذن ما العمل؟
عاد الباحث فورا إلى منزله في اللاذقية وقام بغسل العينة جيدا وجلس في مكتبه أسير جدرانها . وضع المستحاثة على طاولته.
وراح يبحث في جميع المراجع والمجلات والدوريات المهتمة بمستحاثات الديناصور وبعد أكثر من 48 ساعة من البحث المتواصل توصل إلى نتيجة شبه مؤكدة أن هذه المستحاثة تعود لجنين ديناصور لاحم من جنس تيراناصور "ريكس"..
وفي منتصف ليل الخميس 8 أغسطس 2001 م أجرى اتصالا هاتفيا مع البروفسور الروماني غريغيريسكو مكتشف بيضة الديناصور في رومانيا وأحد المراجع الأساس لمتحف التاريخ الطبيعي في باريس. وذلك بعد أن قام الباحث بتصوير العينة وإرسال الصورة عبر الفاكس إلى البروفسور .
بقيا على الحوار الهاتفي حتى الثالثة فجرا ولقد أعطى البروفسور غرغيريسكو إشارة أمل وتفاؤل بأن جميع المعطيات الأولية تشير إلى أن المستحاثة تعود إلى احد أجناس الديناصورات.
صباح السبت 10 من نفس الشهر 2001م . تصرف الباحث الازكي بشكل أكاديمي إذ تقدم إلى رئيس جامعة تشرين عن طريق ديوان كلية العلوم بكتاب يتضمن أعلام الجامعة بهذا الحدث العلمي مرفقا بصورة عن المستحاثة، وتضمن الكتاب عبارة " أفترض أن المستحاثة تعود للديناصورات والعلم مبني على الفرضيات" في تموز 2002م.
شارك الباحث الازكي في المؤتمر الدولي للمستحاثات الفقارية في مدينة هاتسيغ الرومانية وتقدم بورقة عمل تحت عنوان:" سوريا كانت موطنا أو معبرا للديناصورات خلال دور الكريتاسي" Syria was home or passageway for dinosaurs in creatacious period"
ولقد لاقى البحث اهتماما كبيرا من قبل المشاركين وتم إرسال تهنئة من المؤتمر إلى رئاسة جامعة تشرين على هذا الاكتشاف.
الموسوعة الأندر عالميا:
منذ كان طالبا جامعيا كان هاجس الدكتور فواز الأزكي وجود موسوعة جيولوجية بحته أسوة بالموسوعات العلمية لبقية الاختصاصات وبقي هاجسه هاجسا حتى تخرج من الجامعة عام 1985م. وفي 24 سبتمبر من العام نفسه بدأ بالعمل على تأليف موسوعة جيولوجية.
وبعد 18 عاما من البحث المتواصل في المراجع والمجلات والدوريات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والرومانية وتحديث المعطيات عن طريق الانترنيت خلال السنوات الثلاث الأخيرة انتهى من تأليف الموسوعة وأصدر في صيف 2003م المجلد الأول، في شهر أغسطس 2006م قام بإصدار الموسوعة الجيولوجية الكاملة من الألف إلى الياء.
وتتكون الموسوعة العلمية الجيولوجية التي تعتبر الأولى من نوعها باللغة العربية ومن أندر موسوعات الجيولوجيا البحتة في العالم، من 28 جزءا مرتبة ترتيباً معجميا حسب الأبجدية العربية فمثلا يحتوي الجزء الأول على جميع المصطلحات التي تبدأ بحرف الألف والجزء العاشر على جميع المصطلحات التي تبدأ بحرف الراء والثامن والعشرون على المصطلحات التي تبدأ بحرف الياء وهكذا.
يبلغ عدد المصطلحات في الموسوعة 3270 مصطلحا مزودة بالرسوم والصور الملونة والشرح الكافي مع معانيها بالإنجليزية . وتتكون من 880 صفحة من الورق الأبيض المصقول الممتاز وتم إخراج الموسوعة بغلاف فني ممتاز.
وتم صياغتها بلغة عربية سليمة وسهلة كي يتم اقتناؤها كمرجع علمي وثقافي أيضا.
وهي موجهة إلى جميع الطلاب والباحثين والمهتمين في مجالات:الجيولوجيا-الجيوفيزياء-الجيوغرافيا-البيولوجيا-الهندسة المدنية-الهندسة الزراعية-علم البيئة- علم الفلك- الاستشعار عن بعد.
المتحف الجيولوجي الأول بسوريا:
قام د. الأزكي بتحويل منزله الوحيد في قرية قسمين شرقي اللاذقية إلى أول متحف جيولوجي في سوريا وذلك في صيف 2002م.
ومتحف الدكتور فواز الأزكي للجيولوجيا (Dr. FAWAZ AZKI geological museum) يعكس حرص الباحث على استفادة أكبر عدد ممكن من الباحثين والطلاب والمهتمين من مكتشفاته (مستحاثات, منيرالات, صخور).
ينقسم المتحف قسمين رئيسيين:
- متحف الهواء الطلق: وتبلغ مساحته 1500مترا مربعا. ويحتوي على عينات ضخمة لجميع الصخور الموجودة في سوريا (أكثر من ستين عينة) تبلغ أبعادها بين 50سم و 200سم وتبلغ أوزانها بين 75كغ وال 1500 كغ.
ولقد تم وضع هوية على كل عينة كتب عليها اسمها ومصدرها وتركيبها.
كما يحتوي متحف الهواء الطلق على مجسم لديناصور عاشب (حسب طوله الحقيقي حسب المراجع العالمية) بطول 23 م وارتفاع 7م وجسم آخر لأخر ديناصور منقرض وهو الديناصور اللاحم تيراناصور بطول 5م وارتفاع 3 م. بالاضافة الى مجسم للكرة الارضية بقطر 2م.
- المتحف الداخلي: وتبلغ مساحته 130مترا مربعا . ويحتوي على ثلاثة اركان: ركن المستحاثات :
ويحتوي على اكثر من 120 مستحاثة تمثل جميع المستحاثات الموجودة في سوريا . وتم وضعها ضمن صناديق خشبية نموذجية ذات واجهات زجاجية وتم وضع هوية لكل مستحاثة تتضمن اسم المستحاثة ومصدرها وعمرها.
وركن آخر للمنيرالات(الفلزات) ويحتوي على اكثر من 80 منيرالا تمثل جميع المنيرالات الموجودة في سوريا .وتم وضعها ضمن صناديق خشبية نموذجية ذات واجهات زجاجية.
وتم وضع هوية لكل منيرال تتضمن اسم المنيرال ومصدره وتركيبه. وركن آخر للمجسمات والخرائط ويتضمن مكتبة علمية جيولوجية تحتوي على اكثر من ألف مرجع باللغات العربية والانكليزية والفرنسية والرومانية والعديد من مجسمات التكتونيك والعديد من المصورات والخرائط وأهمها أقدم خارطة جيولوجية لسوريا التي وضعها ديبورتيه عام 1945م
ويحتوي المتحف على ركن للمختبر لفحص العينات وقصها وعلى غرفة نوم للباحثين الزائرين مع دورة مياه ومطبخ وهاتف وانترنيت بالإضافة إلى ركن للمحاضرات.
وهذا المتحف تحت تصرف جميع الباحثين والطلاب والمؤسسات التعليمية ويطمح الباحث الازكي أن يشكل هذا المتحف صرحا علميا وثقافيا وسياحيا لوطنه، ويقوم الآن الباحث الازكي بتنفيذ مرصد فلكي على سطح متحفه الجيولوجي.
والأزكي من مواليد سوريا 1959م، حائز على شهادة الهندسة الجيولوجية الجيوفيزيائية من جامعة بوخارست-رومانيا -1985م، وشهادة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة بوخارست-رومانيا- 1995م، نال جائزة سابا للجيوفيزياء عام 1994م، وميدالية الجمعية الجيوفيزياية الرومانية 1995م.
شارك الأزكي في خمسة مؤتمرات دولية في مجال الجيولوجيا، لديه سبعة أبحاث علمية منشورة وقيد النشر، عضو ستة جمعيات علمية محلية ودولية في مجال الاختصاص، وحاليا هو مدرس في جامعة تشرين بسوريا.
المصدر: موقع موهوبون